خطوات كتابة رواية لأول مرة | كيف تكتب رواية للمبتدئين

 الشخصية الروائية أحد ثلاثة أعمدة تبنى عليها كتابة الرواية وهي الأحداث، والأسلوب (اللغة)، والشخصيّات.

ما من عمل أدبي وصف بأنه عظيم تجاهل خلق شخصيات روائية مؤثرة، قادرة على النفاد إلى قلب وعقل القارئ.

فكّر في كل القصص التي تأثرت بها، الأفلام السينمائية التي هزّت أعماقك، الأساطير التي تعلقت بها، ستجد خلف كلٍ منها شخصية روائية ناجحة، بل إن كثيرًا من الروايات الناجحة قامت حول شخصية ثرية بتفاصيلها الإنسانية التي جذبت القارئ وعلق بها كخطاف الصنّارة.

صناعة شخصية روائية حقيقية أو إنسانية لدرجة إيمان القارئ بها، وتصديقه لوجودها في الحياة عملية صعبة، هذا ما يجب أن نتصارح بشأنه.

فقليل من الروائيين ينجح في خلق شخصية يتماهى معها القارئ، ويعتقد يقينًا بأنها شخصية بشرية نقل الكاتب قصتها إلى أوراق روايته.

ولعلّه من المفيد أن نضرب على ذلك مثالًا بشخصية الفتى غريب الأطوار ’’ هولدن كولفيلد ‘‘ في رواية ’’الحارس في حقل الشوفان‘‘ التي ابتدعها الروائي الأمريكي ’’جيروم ديفيد سالينجر‘‘، فصار المراهقون يرتدون مثلها، ويتحدثون بطريقتها، ويظن كل واحد منهم أن الكاتب قد استلهم أحداثها من حياته الشخصية.

أدوات صناعة الشخصية الروائية

• الوصف الخارجي
• السمات النفسية
• الأفكار الداخلية
• الأفعال والتصرفات

يصنع الكاتب شخصيته الروائية عندما يظهر للقارئ كيف تبدو الشخصية من الداخل والخارج.

عندها يتعرف القارئ على الأوصاف الخارجية للشخصية الروائية مثل العمر واللون والهيئة، إلخ، وعلى السمات النفسية للشخصية مثل سرعة الغضب أو الحلم والأناة، الانطوائية أو الاجتماعية، إلخ، وكذلك على الأفكار الداخلية التي تدور في عقل الشخصية وقلبها، وفي النهاية على الأحداث والأفعال التي تنهض بها الشخصية.

  آليات صناعة الشخصية الروائية

يستخدم الكتّاب آليتين في صناعة الشخصية الروائية وفقًا للأدوات السابق ذكرها، وهما:

• الوصف الصريح
• الوصف الضمني

أولًا: الوصف الصريح

الوصف الصريح يعني أن يخبر الكاتب عن شخصيته بطريقة مباشرة باستخدام الأوصاف المادية المعبرة عن المشاعر والسمات الشخصية.

الوصف الصريح طريقة سهلة في خلق الشخصية، لا تتطلب من القارئ التفكير طويلًا للوصول إلى أعماق الشخصية، فالمؤلف يرسم الشخصيات بخطوط واضحة وبألوان أساسيه لا تحتمل اللبس.

مثال على الوصف الصريح

’’نزلت كاترين من السيارة بعد أن تبادلا قبلة باردة نوعًا ما، ودعها ابتسامة شاردة وانصرف. ضايقه هذا الشعور الذي انتابه نحوها بشدة هذه المرة‘‘
’’بعد قليل بدأ يوسف نجيب يشعر بالملل...‘‘

تويا – أشرف عشماوي

ثانيًا: الوصف الضمني

في الوصف الضمني يستغلّ الكاتب تصرفات الشخصية وحوارها وأفكارها الداخلية لصناعة صورتها دون أن يخبر القارئ مباشرة بما يريد وصفه.

في هذه الحالة فإن القارئ يحتاج إلى التأمل والتفكير فيما تقوله الشخصية، وما تفعله، وما يدور في ذهنها كي يتعرف عليها عن قرب.

الوصف الضمني آلية أكثر فنيّة في صناعة الشخصيات الروائية، فهي تتطلب من الروائي أن يجتهد للتعرف على انعكاسات السمات النفسية على أفكار وتصرفات وحوار شخصياته.

مثال على الوصف الضمني

’’كنت أحبّ بابا في أغلب الأوقات إلى درجة العبادة، أمّا في تلك اللحظة فقد تمنيت لو أفتح أوردتي وأصفي دماءه الملعونة من جسدي‘‘

عداء الطائرة الورقية – خالد حسيني

كان يمكن لحسيني أن يصرح بكلمة واحدة عن علاقته بوالده في هذه اللحظة، كان يمكن أن يقول ’’شعرت بالكراهية‘‘ أو ’’أحسست بالقهر‘‘ إلخ لكنّه آثر أن يمنح القارئ مذاق الشعور مركزًا في صورة لن تنتزع من الذاكرة بسهولة.

خصائص الشخصية الروائية التي لا تنسى

1. شخصية وجهة نظر لها تصور واضح عن الحياة
2. شخصية قابلة للتصديق تشبه القارئ أو أحدًا يعرفه
3. شخصية لها ماضٍ ثري يقودها في الحاضر والمستقبل
4. شخصية لا يمكن حذفها من الرواية
5. شخصية قابلة للتغيير والتطور
6. شخصية ذات نقاط ضعف إنسانية
7. شخصية لها صوتها الخاص الذي يظهر في مفردات الحوار والأفكار والأفعال ولغة الجسد
8. شخصية لها هدف تسعى إلى تحقيقه من خلال الرواية
9. شخصية لها احتياجات بدنية ونفسية وذهنية
10. شخصية لها دوافع ومحفزات داخلية
11. شخصية لها جانب خفي يطاردها ويكشف دوافعها ورغباتها
12. شخصية قادرة على خلق علاقة ما مع القارئ وإن كانت سلبية
13. شخصية ذات تناقضات وتعقيدات داخلية وخارجية
14. شخصية تظهر مجموعة واسعة من العواطف وليس عاطفة واحدة
15. شخصية قابلة للفشل والنجاح وليست شخصية ذات اتجاه واحد
16. شخصية لها نقطة انهيار أو لا عودة
17. شخصية لها مرجع ما يستطيع في لحظة الانكسار أن يعيد لها حيوتيها
18. شخصية لها حكاية يرغب القارئ في متابعة تفاصيلها
19. شخصية يرغب القارئ في قضاء بعض الوقت معها في العالم الواقعي

كيف تصنع شخصية روائية لا تنسى؟

خلق شخصية روائية لا تنسى مع الزمن عملية صعبة كما أسلفنا القول، ومع ذلك فإن الرغبة القوية والتدريب ودراسة نماذج الشخصيات الروائية الناجحة في الأعمال الأدبية العظيمة، يمهد الطريق أمام المؤلفين المبتدئين لصناعة شخصياتهم الرائعة.

الخطوة الأولى

 صناعة شخصية روائية التي لا تنسى تأتي من معرفة الكاتب التامة بها.

وعندما أقول (معرفة تامة) أقصد أن يحيط المؤلف بما حدث للشخصية منذ يوم ولادتها إلى اليوم الذي تبدأ فيه قصتها.

بعد ذلك يمكنه أن يسمح لها – أي للشخصية – أن تكتب حاضرها ومستقبلها.

بمعنى آخر يجب أن يكون ماضي الشخصية الروائية ملكًا للكاتب، يصنعه على مهل بجميع التفاصيل التي قد لا يضطر إلى ذكرها في الرواية.

يجب على المؤلف أن يسجل حياة شخصية الروائية يومًا بيوم في مقاطع مصورة، يحتفظ بها كمستندات سريّة يمكنه العودة إليها لمعرفة كيف ستتصرف الشخصية في موقف؟ أو هل ستحب هذا الشخص أو ذلك؟ بناء على ماضيها.

الخطوة الثانية

 صناعة الشخصية الروائية العظيمة تعتمد على طريقة تقديمها إلى القراء.

وهذه هي المهارة التي يجب أن يتعلمها الروائي ويتدرب عليها، وأميل إلى أن طريقة الوصف الضمني الذي يُعرِّف القارئ بالشخصية عن طريق أفكارها وسلوكها وحوارها أفضل من طريقة الوصف الصريح المباشر الذي يستسهل فيه الكاتب.

الخطوة الثالثة

الشخصية الروائية العظيمة هي القابلة للتطور عبر أحداث الرواية. أمّا الشخصية الصلبة الجامدة التي تُنهي القصة من نفس النقطة التي بدأت منها فلا تبقى في أذهان القراء.

ادرس شخصية ’’ريموند غريغوريوس‘‘ في رواية ’’قطار الليل إلى لشبونة‘‘ للروائي ’’باسكال مرسييه‘‘ لتتعلم كيف تنتقل الشخصية من المربع صفر إلى الأمام خطوة بخطوة عبر تغيير القوس العاطفي لها.